لفترة ثلاثة عشر عاماً كان الشعب العراقي يعاني من الحصار الاقتصادي غير المسبوق تاريخياً بدعوة مستمرة وملحة ممن هم اليوم رموز في مجلس الحكم الحالي في العراق، فلم يحاول هؤلاء للحظة واحدة بمقايضة معاناة هذا الشعب مقابل التنازل عن جزء من مصالحهم الشخصية، فهم الأعمدة الأساسية التي وقف عليها ذلك الحصار الجائر على العراق لمدة تزيد على ثلاثة عشر عاماً، إذ نادوا بإستمراره لأن القيادة العراقية ديكتاتورية، وكانت العدالة من وجهة نظرهم بأن يموت نصف الشعب العراقي في سبيل القضاء على نظام الحكم في العراق، بينما كانوا هم ينعمون بتمويل مستمر من الإدارة الأمريكية تسمح لهم برغد العيش في مختلف العواصم الأوروبية . وهم أيضاً من رسم ووضع جميع الترتيبات اللازمة لقيام هذه الحرب البشعة لإحتلال أغنى بقعة أرض في الوطن العربي، في مقابل إشباع جزء من أحلامهم المادية على خراب ودمار العراق. ورغم ذلك فهم لا يعتبرون ما يحدث اليوم في العراق ، والذي يفوق الإحتلال سلباً ونهباً ويفوق الديكتاتورية ظلما ًوقسوةً وإذلالاً، لا يعتبرونه إحتلالاً بل تحريراً وعدلاً ورسماً للديمقراطية يجب مساندته وعدم مقاومته.

في كتابه البحثي بعنوان "التكامل الاقتصادي في الخليج العربي" الصادر في سبعينيات القرن الماضي، يعرّف الدكتور محمد هشام خواجكية التكامل الإقتصادي على أنه "يعني إلغاء كامل أشكال التمييز بين وحدات اقتصادية تنتمي إلى دول مختلفة وإلغاء مختلف صور التفرقة بين الاقتصاديات القطرية"، كما يعطي أمثلة على هذا التكامل الاقتصادي في عمليات منطقة التجارة الحرة، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، والاتحاد الاقتصادي، والاتحاد الاقتصادي الشامل. ويتدرج في ذلك التعريف وتلك العمليات ليصل إلى "أن التكامل الاقتصادي يعني الإندماج الكامل بين عدد من الوحدات الاقتصادية، إثنتين فأكثر، وإزالة مظاهر التمييز القائمة فيما بينها وتكوين وحدة اقتصادية جديدة ومتميزة". وهذا يؤدي بالتالي إلى أن عمليات الإنتاج داخل السوق الجديد والكبير لا تتسم بالتكرار والتشابه بل تخطط على أساس تقسيم العمل والتخصص والاستفادة من المميزات النسبية المتوفرة في كل إقليم لصالح الأقاليم المتكاملة أو داخل كل دولة لصالح الدول المتكاملة، وبهذا يؤدي التكامل إلى تلافي تبديد الموارد الذي ينتج عن حالة التنافس المبني على تكرار عمليات الإنتاج عند مستويات غير اقتصادية.

"الصحافة الحرة هي أحد عناصر المجتمع الديمقراطي الذي بدوره يعتبر مطلباً أساسياً لتنمية مستدامة اجتماعية واقتصادية"

هذه هي الحقيقة التي وجدتها تستقر في تفكيري فورا بعد أن فرغت من قراءة مقال الأستاذ أنور عبد الرحمان رئيس التحرير الذي نشر على الصفحة الأولى من "أخبار الخليج" يوم الخميس الماضي الموافق السابع من أغسطس الجاري.
ووجدت نفسي أمسم بالقلم والورق لأسطر رسالة إلى رئيس التحرير أعبّر فيها عن رأيي في ما كتب .. ونصها ما يلي:

أستاذي الفاضل أنور عبد الرحمان:

كم كان تعبيركم صادقا ًوجميلاً عن حيرتكم الشديدة أثناء مناقشة موضوع حرية الصحافة في اجتماعكم الأخير مع سعادة الاستاذ محمد المطوع يوم الأثنين الرابع من أغسطس الحالي، تلك الحيرة التي أجدتم التعبير عنها من خلال قصيدة الشاعر الكبير أيليا أبوماضي (لست أدري).
وعلى أثر المناقشات المطولة التي دارت بيننا سابقاً في هذا المجال، لا يسعني هنا إلا أن أعبر لكم عن إعترافي بإحساسي الشديد بشعوركم هذا الذي حاولتم أن توجهوه بشكل أو بآخر، عسى أن تتمكنوا من توضيح رأيكم في هذا الموضوع شديد الحساسية.

في اتصال هاتفي من ممثلي الشباب البحريني، إستلمت أحلى كلمات الشكر والتقدير على ما كتبته عنهم، والذي إعتبروه لفتة دعم وتشجيع هم بحاجتها، بسبب ذلك التجاهل الإعلامي لأنشطتهم وجهودهم، وذلك التجاهل ومحاولة مسخ هوياتهم من قبل عالم الكبار ، والمحاولات المستمرة بالمنافسة غير الشريفة (حسب تعبيرهم) لتسييس مؤسستهم واسـتقطابها من قبل الجمعيات السياسية التي تستهدف قيادة المجتمع المدني، هذه الممارسات التي يمكن أن ندعوها بأمراض مجتمعية وسياسية ولا يبدو في الأفق القريب أن هناك محاولات جادة في المجتمع للتشافي منها.
كانت الشكوى من ذلك التجاهل الإعلامي تتلخص في أسباب رئيسية حسب ما نقلوه لي كالتالي:
1- هناك من لا يعجبه الموقف الذي يتخذه هذا الشباب البحريني من رفض معلن للسياسة الأمريكية في المنطقة، حسب ما قيل لهم علانية في إحدى الصحف المحلية، فهم لا يعلمون هل هذه سياسة الصحيفة أم هو موقف شخصي من شخص معين في هذه الصحيفة، والشخص المعين هذا كان ولا يزال يمارس سلوكيات مستهجنة وموضع استنكار من أعداد كبيرة من المتعاملين معه من داخل وخارج الصحيفة، حيث يستغل موقعه فيها استغلالاً مشيناً وعلى علم تام من قبل إدارة الصحيفة.